معايير تقييم الصورة الفوتوغرافية
بقلم المصور صلاح حيدر
الصورة الفوتوغرافية رغم كونها وثيقة تعبر عن حقيقة في مفهومها العام توثق حدث في زمان ومكان محدد ، الا ان الابداع في التصوير الفوتوغرافي جعلها تنطلق بفضاءات جديدة في افق الفن بعد دخولها العالم الرقمي ، مسايرة ومنافسة لكل الفنون التشكيلية ومدارسها الفنية من خلال ما قدمه المصور من ابداع في عالم الفوتوغراف .
لقد اخذ التصوير الفوتوغرافي منحى جديد بتوجهات تختلف عن الكلاسيكيه تتسم بلمسات حديثة فرضت نفسها على الجميع بمختلف مستوياتهم الفنيه والعلمية، وخرجت عن المآلوف والمتعارف عليه في فن التصوير ، وقدمت لنا صورة جديدة مشرقه بافكار وتطلعات و رؤئ لم نآلفها من قبل، ( عدا الصورة الصحفية ) التي يجب الابتعاد عن التلاعب بمصداقيتها .
آلية انتاج الصورة مازالت كما هي ( الكاميرا) واجزائها الميكانيكية من عدسات وفلترات و من فتحة وسرعة والبعد البؤري للعدسة الى اخر القائمة ، وبقيت الكاميرا رغم تطورها الكبير اداة بيد المصور وليست بديلا عنه وما يفرق مصور عن اخر ليست الكاميرا بل المصور نفسه بافكاره وتطلعاته وخبرته في عالم التصوير.
فكيف بنا ان نعتمد المعايير التي توصل صورنا لمرتبة النجاح وتكون دليل عمل لنا وتجعل صورنا مستوفيه لمواصفات وشروط الصورة الناجحة بل والمتميزة.
ان اهم تلك المعايير من وجهة نظري هي:
-
عنوان الصورة - محور الصورة - موضوع الصورة - اضاءة الصورة - التوازن والتكوين في الصورة - القيمةالجمالية للصورة - رسالة الصورة وهدفهايجب ان يكون للصورة اسم او عنوان او رمز او رقم تتميز به عن غيرها يتلائم ومضمونها
المصور الناجح يجعل كل صورة تحمل موضوع محدد ينتمي الى احد محاور التصوير واقسامه ، وعلينا ان نكون دقيقين في تحديد وتوزيع صورنا على هذه المحاور ولا اكتمكم سر انني رايت الكثير من المصورين في المسابقات لايعرفون كيف يحددون المحاور عندما يشاركون بها في المعارض ، فتهمل هذه الصور وتكون خارج المسابقة لكونها لا تتلائم وطبيعه المحور التي ارسلت له . في حين ان المصور الشاطر يذهب ابعد من ذلك عندما ينافس الاخرين في كافة المحاور وتحصد صوره الجوائز.
قد يتصور البعض ان هذه النقطه سهله وبسيطه لكنه عندما يستعرض صورهِِِِِِِِِ سيبقى محتار اين يضع صورته وفي اي قسم من هذه المحاور ، يمكننا ان نضع الصورة في اكثر من محور بوقت واحد تبعا للموضوع الذي تتسم به وتحمله. وهنا يتوجب علينا ان تكون معلوماتنا دقيقة و وافيه عن اقسام التصور وعن اهم المحاور التي تتضمنها المسابقات المحلية او العربية او العالمية وان ندقق جيدا فيها.
يجب علينا التمييز بين الصورة الصحفية و بين صور الطبيعة والسياحة والبيئة عن الصوره الفنية والبورتريه والصور التذكاريه وان نبعدها عن العشوائية .
ما يميز صورة عن الاخرى هو (الموضوع) الذي تحتويه والذي يجب ان يفرض نفسه بقوة على المتلقي ويشده ويجذبه بعفويه وتلقائية ، يداعب مشاعره واحاسيسه الانسانية ليوصل رسالته للجميع ، ولو قارنا مجموعه من الاشخاص وهم يتجولون في معرض للصور الفوتوغرافيه لراينا البعض يمر امام عدد من الصور مرور الكرام لم تهز وجدانه ايه صورة بموضوعها رغم بهرجة الوانها الا ان هنالك في مكان اخر من المعرض نرى الاخرين يتجمعون و يحدقون بصورة محددة لفتت انتباههم وفرضت نفسها بقوه،
ومن هذا المنطلق علينا ان نجعل كل صورنا قوية ومؤثره على المشاهدين من خلال قوة موضوعاتها وان نشغل تفكيرنا جيدا بالكيفيه التي نختار بها مواضيعنا واختيار الزمان والمكان الملائمين لها وان لا نخطئ بتقديم صوره ليست في محلها.
لابد ان نكون واقعيين في تقديرنا وتعاملنا مع الموضوعات المراد تصويرها ونعرف ماذا نصور ولماذا وماهي الغاية من الصورة، ولماذا هذه اللقطة دون غيرهاومثال على ذلك لو وقفنا وسط الشارع مالذي سنصوره ونجعله موضوع للصوره ونجعله ذو اهميه وفي مقدمة الصوره هل هو الاسفلت ، الرصيف ، نظافة الشارع ، السيارات او العربات ، واجهة البنايات، اعمدة الكهرباء ، الانسان الذى يسير في الشارع مالذى نريد ان نظهره للاخرين في صورتنا ومالذى يميز نظرتنا عن الانسان العادي للمكان لنظهر مالا يستطيع التركيز عليه.
الجانب الاخر في التقييم ، هل اننا اجدنا استغلال مصادر الضوء بشكل جيد في الصورة
من هذه القاعدة نستنتج ان احد واهم عوامل نجاح الصورة هو الضوء وكيفيه استغلاله لتصوير الموضوعات المراد تصويرها سواد كان اضاءة طبيعية او صناعية، والتحكم بالتباين في الصورة في جمع نقيضين في مكان واحد واستغلال التنافر بينهم سواء بشكل حاد او وفق تدرج لوني يكسو الصورة وبشكل علمي ، هنالك من المصورين يسيؤن استغلال اوقات التصوير في ضوء النهار بدون دراية تامه في الاخطاء التي ستنتج عن ذلك وان قلة خبرتهم تجعلهم يفشلون في تقديم صور فنيه عكس المحترفين اصحاب التجربة الطويلة الذين يجيدون التصوير في كل الاوقات حتى الصعبة ويقدمون صور فنية ممتازة والقسم الاخر يعتمد على الاضاءة العامة الموزعة بشكل متساوي في اجزاء الصورة حسب قناعته ..
لابد للمصور ان يتعامل بعلم وفن مع الصورة من خلال التوازن والتكوين في اعماله والاهتمام بما نسمية ( الكمبوزشن ) وهو الاساس او العمود الفقري لكل عمل فني وهو البوصلة التي توجه الانظار لمحتويات الصورة التي تم تجميعها من مجموعة من العناصر اهمها -النقطة – الخط – الاتجاه – المساحة – الفراغ – اللون – الظل والضوء – الملمس ، كما حددها الفنان الكبير (بول كلى) .
المصور هنا يكون هو المصمم في تجميع عناصر التكوين وتوزيعها في الصورة لانها الاساس في التعبير البصري ، ويساهم بترتيب هذه العناصر للوصول لقيمة بصرية وجمالية للصوره ، ومن هنا لابد من اعطاء التوازن اهميته في ترتيب هذه العناصر مجتمعة في الصورة الفوتوغرافية .
انصح المصورين باعطاء هذا الموضوع اهمية كبيرة في فهمه واستيعابه ومطالعة الكتب التي تتناوله لزيادة المعلومات لانه لايمكن اختصارها ببعض الاسطر.
ولو تمعنا بكافةالنقاط التي ذكرتها اعلاه لعرفنا القيمة الجمالية التي ستتميز بها صورنا التي يجب علينا الشروع فيها منذ المرحلة الاولى لالتقاط الصورة واستحضار كل ما يتعلق بها لحظة التقاطها.
هنالك نقطة اساسية ومهمة ايضا هي ان لكل مصور هدف ولكل صوره رساله وارشيفنا يجمع يوميا العشرات من هذه الصور فبعضها له هدف ورساله والبعض الاخر لا يحمل اي مضمون يمكن ان نقدمه للاخرين.
فلا اعتقد تتساوى اهميه الصورة ذات المضمون مع تلك التي لاتحمل دلاله و تدخل في عداد الصور المبهمة التي لا نقتنع نحن فيها فكيف بالخرين …. لابد لنا ان نفرز صورنا حسب موضوعاتها ونقدر القيمة التي تحملها كل صوره حتى يتسنى لناعرضها في المكان المناسب وللجمهور المناسب لتؤدي دورها التي التقطت من اجله.
نشر الموضوع في زاوية التصوير الضوئي بصحيفة الثورة اليمنية العدد(17225) بتاريخ9/1/2012